26 ديسمبر 2013 تقرير بخصوص الندوة الدوليّة حول ” حقوق الإنسان في ضوء التحولات الراهنة في العالم العربي“ التي نظّمتها الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسيّة يوم 7 ديسمبر 2013. نزل الديبلوماسي. تونس
إفتتح السيد محمد الهاشمي جغام رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية الندوة الدولية: مرحبا بضيوف تونس من ممثلي الهيئات الوطنية لحقوق الإنسان بعدد من الدول العربية : الجزائر، موريطانيا ، فلسطين ، مصر ، الأردن ، قطر والمنظمات الدولية والهيئات الوطنية والجمعيات المشاركة مؤكدا على السياق الذي يتنزل فيه تنظيم الندوة الدولية تحت عنوان:” حقوق الإنسان في ضوء التحولات الراهنة في العالم العربي” في إطار الاحتفال بالذكرى 65 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
كما تلا كلمة رئيس الجمهورية الموجهة إلى الندوة والتي ذكّر فيها بالمبادئ التي ينبني عليها عمل الهيئة العليا وأهميّته ومساهمته الفعّالة في إرساء دولة القانون والمؤسّسات وحقوق الإنسان خاصّة في هذا الظرف التاريخي الذي تعيشه بلادنا.
تناولت الندوة الدولية ( 12) مداخلة استعرضت واقع حقوق الإنسان ودور الآليات الوطنية لحمايتها في عديد البلدان العربية المشاركة والبرامج الخصوصية لترقية حقوق الإنسان واهم التحديات القائمة كما أتاحت تفاعلا ثريا مع المشاركين أثاروا فيها مجمل مخاوفهم بشان ما يحول دون توفير الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وحمايتها في ظل ما تشهده البلدان العربية من اضطرابات وأزمات.
إشتملت الحصة الصباحية للندوة على (7) محاضرات أشرف على تيسيرها السيد محمد الهاشمي جغام رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وهي على النحو التالي:
1) “أثر التحولات الراهنة في البلدان العربية على وضعية حقوق الإنسان في فلسطين ” قدَمها الأستاذ أحمد حرب (المفوّض العام للهيئة المستقلّة الفلسطينيّة لحقوق الانسان
« ديوان المظالم ») والذي أكد فيها على ما يلي :
– ان قضية فلسطين من المحفزات في ثورة الشعوب العربية لفشل الأنظمة في مواجهة التحدي الإسرائيلي والانتفاضات الفلسطينية ملهمة في أشكالها وطرقها لثورات الشعوب العربية.
– تسبب غياب اهتمام الأنظمة والشعوب العربية بالقضية الفلسطينية في إستفراد إسرائيل بالشعب الفلسطيني وهو ما ولَد أسوء الفترات التي يعيشها الشعب الفلسطيني
– انَ وضع الشعب الفلسطيني ثورة مستمرة ضد قوى الاغتصاب من أجل تحقيق حريته وإفتكاك حقوقه.
– الدستور الفلسطيني ينسجم مع المواثيق الدولية وأغلب القوانين الفلسطينية ، إلا ان أهم إ شكال يتعلَق بالتطبيق كما هو الحال في أغلب البلدان العربية.
– ان العديد من العبارات الفضفاضة ونقاط الغموض في الدستور والقوانين اوجدت مداخل ومبررات لعديد الخروقات الماسة بمبادئ حقوق الإنسان.
– وجود سلطتين في فلسطين اثر على واقع حماية حقوق الإنسان وعزَز الانقسام الفلسطيني ، خصوصا مع تواصل الثورات العربية وتحمَس جزء كبير من الشعب الفلسطيني مع هذه الثورات.
– أخذت قيادات منظمة التحرير الفلسطينية موقفا متفرجا من الثورات العربية لعدم التورط في معاداة أنظمة عربية
– ان تحالف حركة حماس مع الرئيس المصري السابق “محمد مرسي” انعكس سلبا وبشكل دراماتيكي علي الشعب الفلسطيني بغزة من غلق المعابر والمنافذ ومحاصرة قطاع غزة الذي كانت له نتائج كارثية.
– التخوف من مآلات أوضاع حقوق الإنسان في ظل التحولات الراهنة.
2) “أثر التحولات الراهنة في البلدان العربية على وضعية حقوق الإنسان في مصر ” قدَمها الأستاذ محمد فائق (رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمصر) والتي أكد فيها بالخصوص على :
– التعاطف مع الشعب الفلسطيني في غزة مبدئي . وان إنخراط جزء من الفلسطينيّين في أعمال في سيناء لا يبرر معاقبة شعب كامل.
– عدم إحترام الأنظمة العربية لمنظومة حقوق الإنسان تسبب في انفجار الأوضاع في العالم العربي وتمكنت بعض الأنظمة من تدارك الوضع (مثل المغرب) بإحداث إصلاحات هيكلية.
– خيبة أمل الشباب في ثوراتهم وانكسار حاجز الخوف، فلم تعد القبضة الامنية والسجون ترهب.
– الأوضاع في مصر تختلف عما يتداول في الخارج. الأوضاع صعبة لكن هناك خارطة طريق تحضر بتوافق كاسح ، ورئيس حكومة يحظى بالثقة والجيش لا يتدخل في ما يحصل في مصر….
– الصعوبات التي تشهدها مصر وتداعيات إسقاط نظامين ( نظام مبارك ونظام محمد مرسي)
تتعلق أساسا بتسلَل الإرهاب إلي سيناء والقيام بعمليات ضد الجيش المصري .
– المظاهرات غير سلمية والتوفيق بين مسلتزمات الأمن وحقوق الإنسان أصبح أمرا صعبا .
– إن وضع المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مصر دقيق ، وهو يتابع القوانين للحيلولة دون المسَ بكل ما يؤثر على حقوق الإنسان.
– عدد المساجين يتكاثف بسبب الأحداث الأخيرة ، لكن لا وجود لموقوفين فكلهم على ذمة قضايا…
– كثيرا ما نكون في خلاف مع أجهزة الأمن ، لكن باعتبار أن أغلب التظاهرات يصاحبها عنف فان الواجب يدعو إلى تطبيق القانون وهو ما يفسَر الأحكام الشديدة ضد المتظاهرين ( ما حصل بالضبط في “رابعة العدوية” لم يكن سلميا ، وكيف كان تدخل قوات الأمن وهل كان بالإمكان تلافي ذلك).
– ضرورة أن تستوعب العملية السياسية كل الأطراف السياسية بما فيها الإخوان ورفض ملاحقة الناس بتهمة الانتماء للإخوان كما كان سابقا.
– على الإخوان أن يعترفوا بالواقع المحلي ، وأنه لم يعد ممكنا السماح بوجود حزب ينتمي لجماعة إسلامية ، وعليهم أن يتخلوا عن العنف مهما كان شكله ، ورفض استعمالهم للقوة خارج إطار القانون.
– الدستور تمّ بالتوافق الكامل مع مختلف التيارات بما فيهم الاسلامين والسلفيين (بما فيه بعض الوجوه المنسحبة من الإخوان) تأكيد الطبيعة المدنية للدولة.
– إن الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في مصر لم تعد ترفًا بل جزءا من حياة الشعب المصري…
3) ” الربيع العربي وحقوق الإنسان : دراسة حالة الأردن ” قدَمها الأستاذ موسى بريزات (المفوّض العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالأردن) والتي أكد فيها بالخصوص على :
– الأردن هو البلد العربي الوحيد الذي اقترب منه الربيع العربي. بدأت المظاهرات المطلبية والسياسية سنة 2009 باحتجاج النقابات التي لم ترق لما شهدته البلاد سنة 1996 عندما استدعى خلالها الملك حسين الجيش وأحدث تغييرات سياسية وعسكرية كبرى لإستيعاب الأوضاع .
– سجَلت سنة 2010 تزوير عملية إنتخابية مع مقاطعة الحزب الإسلامي وعديد الأحزاب الأخرى رفضا للقانون الانتخابي
– رغم هذه الاحتجاجات كان وضع حقوق الإنسان في عمومه مقبولا….وأعمال الاعتقال والتجاوزات لم تكن ممنهجة ولم تتجاوز حدودا خطيرة
– ظلت حرية الفكر والمعتقد محترمة رغم انتقادات بعض التقارير الأمريكية لعدم الاعتراف ببعض الطوائف المتطرفة لكن ما أغضب الناس هو العبث بالانتخابات ، منذ إقرار قانون الإنتخابات الذي احتوى العديد من الثغرات والتي يمكن استخدامها لتزييف إرادة الشعب ممَا يجعل هذا القانون غير منسجم مع المعايير الدولية .
– مثَلت مسألة الترخيص للأحزاب إحدى الإشكاليات.
– اشتدت التظاهرات ووصلت أشدها إلى أواسط 2011، لكن تم إقدام السلطات على أخذ إجراءات صارمة: استعمال أسلوب العنف الناعم مع تجاوب محدود ومدروس لمطالب المحتجين ،
– لما شعرت الدولة أن الإحتجاجات تطالب بالتغيير السياسي الشامل يفاجئ الملك بقرار تكوين لجنة استشارية لإعادة النظر في عديد القوانين
– قامت لجنة تعديل الدستور بتعديل أكثر من 20 مادة. كانت تعديلات جوهرية مثل تجريم التعذيب والتأكيد على حماية حرية التعبير والتنقل وحرية الصحافة واستقلال القضاء …
كما أصبح حل مجلس النواب صعبا على عكس ما كان سابقا…تقليص الجرائم التي تتم المحاكمة فيها امام المحاكم الاستثنائية (العسكرية / أمن الدولة …)
– الملك أوعز للسلطتين (التشريعية والتنفيذية) بدراسة وتنفيذ أكثر من 100 توصية للإصلاح قدَمها المركز الوطني لحقوق الإنسان .
– المشكلة في الأردن مثلها مثل بقية البلدان العربية أن أغلب الاحتجاجات هي احتجاجات غير سلميّة.
– ثغرة ينبغي أن تعالج تتعلَق باحترام حقوق الأشخاص الذين يتم اعتقالهم والتأكد من عدم تعرضهم للتعذيب والقيام بزيارات لكل مراكز الاحتجاز، رغم ان أغلب مراكز الاحتجاز تستجيب تقريبا للمعايير الدولية
– الأردن يحاول الاقتراب من بناء الديمقراطية بخطوات بطيئة ومتعثرة وهو لم يتأثر سلبا بالربيع العربي ، بل ساعدت على استباق الأحداث بالإقدام على إصلاحات كبرى تمت في صالح احترام حقوق الإنسان.
4) “حقوق الإنسان في ضوء التحولات العربية :التجربة الجزائرية” قدَمها الأستاذ العياشي دعدوعة (اللجنة الإستشاريّة الوطنيّة الجزائريّة لترقيّة وحماية حقوق الإنسان) والتي أكد فيها على :
– القراءة العامة لمشهد العالم العربي تكشف عن استهداف أوطاننا لتشهد أكبر التغيرات والتحولات والأحداث وهي مرحلة تساورنا فيها الكثير من المخاوف مع غياب الاستقرار وتفاقم أوضاع الاضطراب والصراع وتحول الصراع إلى صراع عربي – عربي..
– يجب أن يحدونا التصميم على تحقيق الحرية والتوافق وذلك لإدراك الحلول بشكل جماعي دون إقصاء
– مقارعة الشعب الجزائري لقهر وعسف الاستعمار أعطى للحرية واحترام حقوق الإنسان قيمة كبرى ….
– وضع انهيار المعسكر الاشتراكي الأنظمة القمعية والشمولية فى وضع حرج وهو ما دفع بالجزائر إلى وضع دستور 1989 لإعطاء الحرية مجالات كبرى وتغيير قوانين الأحزاب والجمعيات وإنشاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان (حسب مبادئ باريس).
– تسارع الأحداث خلال العشرية الدموية التي عرفتها الجزائر والتي كادت أن تعصف بالجزائر وبدولتها .
– تقبل الجزائريّين المصالحة الوطنية (2005) بمختلف مشاربهم ، نقلت البلاد من حالة الصراع إلى حالة الوئام والتوافق والتسامح وهو ما أتاح الاستقرار السياسي والأمني الذي دعَم احترام حقوق الإنسان..
– أهمية إحداث الشبكة العربية لحقوق الإنسان (أوت 2013 ) من أجل الوصول إلى برَ الأمان.
– على الحكام تمثيل كل شرائح المجتمع وليس لبعضهم حتى يتسنى الخروج من حالة التناحر والتباغض …
5) “حقوق الإنسان في ضوء التحولات العربية :التجربة القطرية” قدَمها السيد علي المري (اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بقطر):
– الانتهاكات لحقوق الإنسان ليست خاصة بأنظمة الربيع العربي ،
– مضت 65 سنة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأكثر من 1400 سنة على دعوة الإسلام لاحترام حقوق الإنسان.
– تقدم اللجنة تقارير نصف سنوية في وضعية حقوق الإنسان وحالة السجون إلى مجلس الوزراء وتقدَم توصيات ومقترحات لمختلف أجهزة الدولة.
– لا يمكن القبول بانتهاكات تحت مظلة قانون الإرهاب أو ضمن مكافحة الإرهاب.
6) ” حرية الضمير في مسودة الدستور التونسي ” قدمها الأستاذ عياض بن عاشور( جامعي وحقوقي) والتي أكد فيها على :
– إن الحقوق تنقسم إلى :
* “حقوق جوهرية” : حقوق مرغوب فيها لذاتها (حرية الفكر، الرأي، التعبير) وهي حريات وحقوق غاية لأنها تكمن في كيان الإنسان.
*و”حقوق الواسطة والوسيلة” وهي التي تمكن من تحقيق الحقوق الغاية لكن ذلك لا ينبغي التفرقة في القيمة لهذه الحقوق.
– إن حرية الضمير تندرج ضمن “الحقوق الغاية أو الحريات الجوهرية” التي تتكون منها إنسانية الإنسان.
– ما الفارق بين حرية الفكر، حرية الدين، حرية الضمير ؟ ان حرية الضمير هي أن يؤمن الشخص أو يعتقد فيما يمليه عليه ضميره حسبما يقدر ويراه في مختلف المواضيع والمواقع السياسية والاجتماعية…
– النظام القانوني لحرية الضمير: تعتبر من الحريات الأساسية في النظام القانوني الدولي وهي أساسية في كل نظام ديمقراطي ، وهي معيار التفرقة بين الدولة المدنية والدولة الدينية.
– حرية الضمير غير قابلة للاستثناء حتى في أشد الأوضاع الاستثنائية بما فيها الحروب والطوارئ.
-أقرت لجنة حقوق الإنسان أن حرية الضمير تقتضي حرية اعتناق أي دين أو رفض اعتناق أي دين أوتغيير دينه.
– لا يمكن للسلطة العمومية أن تحدّ من الحرية إلا إذا أثبتت أنها ضرورية وفي إطار قانون مسبق وأن تكون مفروضة لعوامل تهم النظام العام واحترام حقوق الآخرين….مع ضرورة التناسب بين الحد ّمن هذه الحرية والضرورة التي دعت لهذا الحدّ.
– الدستورالتونسي في مشروعه الأخير أصبح دستورا مقبولا ديمقراطيا وضمن مبادئ حقوق الإنسان.
7) ” حرية الاجتماع في القانون التونسي” قدَمها الأستاذ أمين محفوظ (عضو الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسيّة).
ومن أهم ما أكد عليه :
-.الإنسان يحمل حقوقه في ذاته ، لكن ما ينتجه من نصوص هي من تسلب له حقوقه وحرياته.
– كيف نقيس ونقيم مدى تمتع المواطن بحقوقه وحرياته ؟
– ان الموروث الثقافي في عالمنا العربي عب ء ثقيل يمنعنا من فهم ومن تجاوز العديد من العقبات، من ضمنها مسألة الدستور.
– الدستور جعل لحماية الحقوق والحريات من الإستبداد…لكن ما يحصل في عالمنا العربي أننا نجعل من الدستور عوائق عديدة أمام الحريات والحقوق..
– ان قانون 1969(24جانفي) المتعلق بالاجتماعات العامة ، قانون ساري المفعول رغم مرور 3 سنوات من الثورة ، وكذا الأمر عدد50 المتعلق بإعلان حالة الطورئ .
– تفرض المنظومة القانونية في تونس قيود ا جزائية تفرغ الحرية من مضمونها (الاعلام المسبق ، فرض رقيب اداري على الاجتماع ) وقيودا إجرائية تتضمن عقوبات صارمة.
– تمنع التجمعات العفوية التي تحدث كرد فعل عن واقعة أو خبر في حين تعترف ألمانيا مثلا بالاجتماعات العفوية طالما كانت اجتماعات سلمية، وكذا في المجر.
– من بين الفصول التي تفرغ هذه الحرية من أي مضمون ( تحجير كل خطاب فيه اعتداء على الأخلاق الحميدة، السلط تطلع على مضمون اللافتات والرايات التي يقع حملها ، بعد 14 جانفي بإمكان السلط منع أي إجتماع :تحجير التظاهر في الشارع بورقيبة ….)
– تذرع الإدارة بالإعلام المسبق لضرورة توفير الحماية من الدولة ، لكن كثيرا مالا تقوم الدولة بهذه الحماية، وحصلت العديد من الاعتداءات على عدّة إجتماعات وتظاهرات..
– لا يمكن الحديث عن حرية الاجتماع في غياب حماية الأمن ..وكثيرا ما يجد الأمن نفسه إزاء حالات عنف واعتداء على المقرات ….طريقة تدخل قوات الأمن لابد أن تحدَ العنف دون ايذاء الأشخاص أو قتل المتظاهرين.
_ الأخطر هي العقوبات الزجرية ، فرغم كون أن هذه القوانين وجدت في منظومة استبدادية فإنها متواصلة بعد 3 سنوات من الثورة …وكان على السلطة السياسية والإدارة إعداد مشاريع قوانين لتغيير المنظومة القانونية.
_ هناك ضعف في المنظومة القضائية ودور القاضي. وفي الكثير من الدول التي لم تكن لها سلط قضائية منصوص عليها في دساتيرها ، تمكن القضاة من فرض الحريات واحترام حقوق الإنسان من خلال الاجتهاد القضائي ، لكن في تونس لايزال يلعب القضاء دورا حادا للحريات وللحقوق …..
اشتملت الحصة المسائية للندوة على (5) محاضرات اشرف على تيسيرها الأستاذ رضا قويعة عضو الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وهي على النحو التالي:
8-” وضع حقوق الإنسان في موريطانيا في ظل الوضع العربي ” قدمتها السيدة أجيرت سيد (عضو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بموريطانيا ). وقد أكدت على ما يلي :
– اثر الأوضاع الاقتصادية واثر نمط الإستبداد لتكميم الأفواه ودفع الأدمغة إلى الهجرة .
– حقوق الإنسان بموريطانيا: لم تشذ البلاد عن واقع البلدان العربية حيث ظلت مرتهنة اكثرمن 20 سنة في يد رئيس واحد متحكم في كل شي ء وعمد إلى سجن المعارضين وتهجير الأدمغة ـ
– ثم في 2005، وضع حد للرئاسة الدائمة وأجريت انتخابات حرة ونزيهة لم تتمكن من إخراج البلد من أزمتها فدفع الأمر بالعسكريين إلى الانقلاب
– جرى تنظيم منتديات ديمقراطية شاركت فيها مختلف التشكيلات انتهت الى تقديم مشاريع لتخليص البلاد وصادق عليها البرلمان .
– الاهتمام بالفئات الهشة ومحاربة الفساد وبداية الربيع الموريتاني
– توفر الإصلاح وحماية حقوق الإنسان ومكافحة الفقر
– رفع محكمة الحسابات
– اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان هيئة مستقلة
– سنَ قانون للمساعدة القضائية لفائدة المحتاجين
– الإصلاح المؤسسي بإصدار قوانين تتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية لدورتين فقط
– تعديل قانون انتخابات بالبرلمان وإحداث الأحزاب السياسية
– تحريم الوصول السلطة بطريقة غير دستورية
– المصادقة على الاتفاقيات الدولية (المرأة ،المعوقون ، تحريم عمل الأطفال…)
– إعطاء حرية الصحافة مكانتها فأصبحت في المرتبة الأولي تقريبا.
– تحرير القضاء السمعي البصري ( 5 قنوات تلفزيونية ).
– تسوية الإرث الإنساني والتاريخي وتعزيز القوانين التي تقضي على ظاهرة الرق واستغلال القصر.
– إصدار قانون العمل المنزلي
– دعم الوكالة الوطنية لبرنامج اللاجئين لتصبح وكالة محاربة الرق.
–
9- ” أي ضمانات جديدة لحماية حقوق الإنسان من خلال قانون إحداث الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب؟ ” قدَمها الأستاذ منذر الشارني (عضو الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسيّة) وقد ركَز على ما يلي :
– بعد الثورة صادقت تونس على البرتوكول التكميلي لاتفاقية مناهضة التعذيب في جويلية 2011 وهو يلزمها بإحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب تكون لها ضمانات الاستقلالية والحياد.
– صدرت الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بقانون أساسي وهو ما يعطيها قوة قانونية في اكتوبر 2013 وهي تتَمة لمصادقات سابقة على الاتفاقيات الدولية علما وان التعذيب جرَم منذ سنة 1999.
– من مهام الآلية الوطنية الرصد والرقابة لمختلف مراكز الإحتجاز ويؤدي اعضاؤها زيارات دون سابق إعلام كما تتلقىالشكاوي المتعلقة بالغرض.
– تنجز الهيئة تقريرا عن أنشطتها ينشر للعموم.
– تمَ فتح باب الترشح للهيئة المذكورة ويغلق يوم 12/15 الجاري (ديسمبر 2013).
– لضمان استقلالية الهيئة عن الضغوطات السياسية اشترط القانون ألا يكون الأعضاء برلمانيون أو لهم مسؤوليات سياسية ، وحددت العضوية بـ 6 سنوات غير قابلة للتجديد.
– تمَت إثارة إشكال يتعلَق بالفصل 13 من القانون الأساسي المحدث للهيئة الوطنية وهو مرتبط باستثناء الدخول إلى الأماكن المحددة في بعض الظروف المانعة (اضطرابات، أمراض صحية خطيرة ….)
– إشكال تمويل الهيئة الوطنية من قبل الدولة فحسب دون إتاحة الحصول على الدعم من مصادر أخرى.
10-” التعذيب في المنظومة القانونية في تونس ” قدَمتها الأستاذة إيمان الطريقي (عضو الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسيّة).
وقد ركزت على ما يلي :
– تجمع الحكومة والحقوقيون ان التعذيب يستمر فهل هو سياسة ممنهجة أم حالات فردية ؟
– الضمانات القانونية للوقاية من التعذيب متوفرة وتضمنها الدستور الجديد في صيغته الرابعة من المشروع إلى جانب أهمية إصدار القانون المحدث للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب.
– الضمانات القانونية الراهنة غير كافية للحماية من التعذيب بسبب غموض النص القانوني (فصل 101 ) ونقائصه وعدم الالتزام بتطبيقه ( عدم العرض الآلي على الفحص الطبي، وإبلاغ المحتفظ به بحقوقه وإعلام عائلته ، وخضوع المؤسسة إلى زيارة مؤسسات الرقابة…)
– تجدر الإشارة إلى أن مركز القرجاني لم يخضع للزيارة الفجئية من قبل وفد الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسيّة يوم 6/12/2013.
– ضرورة تعهد القضاء بالعمل على إيقاف البت في القضية عند تأكد شبهة التعرض للتعذيب خصوصا في ظل صعوبة إثبات التعرض للتعذيب ( الحاجة لاعتماد كاميرا مراقبة بالمراكز).
– يتعيَن على السلطات منع التعذيب وعدم السماح به حتى في سياق الإرهاب.
11- ” حقوق الإنسان بين استحقاقات الثورة ومتطلبات الديمقراطية: مشروع العدالة الانتقالية ” قدَمها الأستاذ نبيل اللبَاسي (عضو الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسيّة) وممَا أكد عليه :
– إشكالية الأخذ فقط بمحاضر الشرطة بالنسبة للقضاء عند التماس الضحايا إنصافهم من التعرض للتعذيب.
– حالة الحيرة ما بعد الثورة المحافظة على المنظومة القديمة والعمل على بناء منظومة ديمقراطية جديدة.
– أولوية احترام كرامة الإنسان وحريته ومساواته وإنهاء التمييز
– أولوية التخلص من آلية القهر والفساد، المطالبة بكشف الحقيقة والدعوة إلى المحاسبة وجبر الأضرار للضحايا وإصلاح المؤسسات.
– متطلبات بناء الديمقراطية وتحطيم منظومة الاستبداد .هل قانون تحصين الثورة مخالف للديمقراطية لحرمان شريحة من المجتمع من المشاركة أم أنّه شرط للديمقراطية ؟
– جدل الحاضر والتساؤل بشان الأولويات أهمية تصفية تركة النظام القديم أم بناء أركان الديمقراطية.
– تعثَر العدالة الانتقالية أعاد الثورة المضادة في أجهزة الأمن والقضاء وفسح المجال أمام عودة رموز العهد السابق.
– أهمية المصالحة في منظومة العدالة الانتقالية بعد عمل هيئة الحقيقة والمصالحة.
– أهمية جبر الضرر وإحداث صندوق الكرامة وأهمية التحكيم والمصالحة.
– أولولية بناء الديمقراطية دون التأخر في الاستجابة لاستحقاقات الثورة بدءا من استبعاد رموز العهد السابق.
– تعطل محاكمات رموز العهد السابق وتبرئتهم مما ساعد في عدم الوثوق بالقضاء وبالحكومة القائمة .
12- ” مشروع دليل الممارسات المحمودة للأعوان المكلفين بإنقاذ القوانين لمعاملة المحتفظ بهم : نحو ممارسة مهنية أفضل تجاه المجردين من حريتهم ” قدَمها الأستاذ مصطفي علوي (عضو الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسيّة).
وممَا اكَد عليه :
– التذكير بالسياق التاريخي الذي اعاد طرح السؤال بشان طبيعة العلاقة بين اجهزة الدولة عموما والأمن خصوصا بالمواطن.
– على الجهاز الأمني الاستجابة لمطالب الثورة في ما يخص الاحترام الفعلي لكرامة المواطن واحترام حقوقه وحماية حرمته الجسدية من اي انتهاك وهو ما يفرض عليه تبني عقيدة أمنية جديدة وتوخي ممارسة مهنية مميزة تعيد للمواطن ثقته في المؤسسة الأمنية وتطور خدماتها بعيدا عن التعسف في تطبيق القانون والاحتكام الى اعتماد قرينة البراءة بالنسبة لأي محتفظ به.
– التحديات القائمة إمام المؤسسة الأمنية هي ارثها الصعب حيث لم تتحرر الممارسة الأمنية لحد الآن من شوائب ماضيها.
– تمَ إقرار برنامج لتحسين معاملة المحتفظ بهم بالتعاون بين وزارة الداخلية واللجنة الدولية للصليب الأحمر وهو يمتد من 2012 -2016 وهو يستجيب في ان للمتطلبات الدولية و للمتطلبات الوطنية.
– يشتمل البرنامج على المكونات الأساسية التالية :
1) ضبط مقاييس التحسين التقنية والمادية لظروف الاحتفاظ
2) برنامج التكوين القطاعي الفوري لفائدة الأعوان المكلفين بالاحتفاظ
3) اقرار برنامج لمواصفات الجودة بالنسبة لخدمة “الاحتفاظ بذي الشبهة” باعتبارها مرفقا عاما
4) تطوير المنظومة التشريعية التشريعات والتراتيب : حظور المحامي / الفحص الطبي / إعلام الأهل (مجلس اختيار الموقوف)
5) التصرف في الموارد البشرية وبرامج التكوين المستمر
6) إقرار دليل الممارسات المحمودة لمعاملة المحتفظ به
– يهدف اعتماد دليل الممارسات المحمودة لمعاملة المحتفظ به إلى : دعم الالتزام بالرقابة الذاتية والاحترام الفعلي لـ” قرينة البراءة ” وحماية الحرمة الجسدية لكل محتفظ به وفي كل الأحوال وتحسين علاقة عون الأمن بالمواطن انطلاقا من المقاربة المبنية علي حقوق الإنسان (ABDH)
– ينتظر من البرنامج ان يتيح التغيير التدريجي لعقيدة عون الأمن المهنية وسلوكه اليومي حتَى يستعيد ثقة المواطن وهو ما يوجب العمل المشترك لرصد واقع الممارسة المهنية لأعوان الأمن ومؤشرات تحسنها في علاقتها بمعاملة المحتفظ بهم ..
خلاصة المناقشات:
أتاحت الندوة تفاعل مختلف المشاركين الذين أكدوا على وجه التخصيص على المسائل التالية :
1- أصبحت المحاسبة على تجاوزات الماضي في مجال حقوق الإنسان أملا بعيد المنال. وقد شكَل الامنيون نقابات بفضل الثورة من أجل التنصل من أعمال المحاسبة.
2- يتجلَى الدور الدولي في تدمير العالم العربي وفي إفشال الانتقال الديمقراطي بنشر الإرهاب.
3- لا يمكن الحديث عن الحرية والكرامة والانتقال الديمقراطي دون حصول المحاسبة والعدالة الانتقالية بعيدا عن القضاء الحالي.
4- لم نتوصل الى الانتقال الديمقراطي بسبب عدم تحقَق أهداف الثورة.
5- التأكيد على تمويل الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب من قبل الدولة فقط
6- ان نشر “الكتاب الأسود” يعتبر بداية العدالة الانتقالية.
7- الحاجة إلى ان تشتغل النخب على تطوير رؤية حول التوفيق بين استحقاقات الثورة وبناء الديمقراطية.
8- أتاحت الثورة بروز ظواهر جديدة للعمل الجمعياتي (“فيمن” أنموذجا) يتم التساؤل حول أحقية الدفاع عنها ؟.
9- ضرورة تطوير القانون الجزائي الذي أُنشئ بعقلية سنة 1906 أي قبل وجود المنظومة الدولية لحقوق الإنسان.
11 – لا خوف على مكانة المرأة في الدستور لكن الدستور بحاجة إلى أذهان حتى تحافظ على حقوق المرأة وتطورها.
المقرَران :
الأستاذ نبيل اللبَاسي عضو الهيئة العليا لحقوق إنسان والحريات الأساسية
الأستاذ مصطفى العلوي عضو الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية