الميثاق الوطني النصّ الذي وقع إمضاؤه بقصر قرطاج من قبل
مكوّنات المجتمع المدني التونسي في 7 نوفمبر 1988

استلهامًا من تراثنا الحضاري الأصيل ومن تاريخنا العريق ووفاءً لشهدائنا الأبرار ولكل من جاهد وناضل وضحّى من أجل عزّة تونس وكرامة شعبها وتحرير البلاد من الاستعمار والتبعيّة وتقديرًا لرجال النهضة والإصلاح ولكل من عمل من أجل إقامة النّظام الجمهوري وإرساء دولة المؤسّسات والقانون الضامنة للحريّات والتقدّم وتجسيمًا للمبادئ التي جاء بها بيان السابع من نوفمبر 1987 المعبّرة عن طموحات الشعب والضامنة لحياة كريمة متطوّرة تعتمد الديمقراطيّة والتعدديّة وسيادة الشعب وسلطان القانون وتقديرًا لمسؤولياتنا التاريخيّة في هذا المنعرج الحاسم الذي تعيشه بلادنا.

نحن ممثّلي الأحزاب السياسيّة، الاجتماعيّة والمهنيّة المجتمعين بمناسبة الذكرى الأولى لتحوّل السابع من نوفمبر 1987 نقرّ هذا الميثاق الوطني ونلتزم بالعمل على هديه وبالتقيّد بأخلاقياته وضوابطه وبالدعوة إلى مبادئه ومقاصده ونعتبره عقدا مشتركا بيننا كفيلا بأن يجمع التونسيّين على كلمة سواء ولا سيما في هذه المرحلة الانتقاليّة الحاسمة التي يعيشها وطننا تأسيسا للديمقراطيّة ودعمًا لدولة القانون والتي نحن أحوج ما نكون فيها إلى قدر أدنى من الوئام والوفـاق.

ونحن إذ نحرص على إرساء تقاليد التنافس النـزيه تسليمًا بحق الاختلاف الجائز والمشروع الذي لا يعني الفتنة والتمزّق نعلن أن هدفنا الأسمى هو تثبيت دعائم الدولة « دولة التونسيّين جميعا » باعتبارها أداة لتحقيق طموحات شعبنا وتجنيد طاقاتنا وكافّة مواردنا البشريّة والطبيعيّة بما يعزّز مكانة تونس في العالم ويحقّق تطلّعاتنا إلى الإسهام في حضارة الإنسان ويعزّز أسباب الأمن واستعادة المبادرة التاريخيّة لمغربنا العربي وأمّتنا العربيّة ويعيد القدرة على الإشعاع والعطاء لحضارتنا الإسلاميّة.

ونحن إذ نعي دقّة مراحل التحوّل والتأسيس وخطورتها عمومًا وندرك ما يعترض بلادنا من مصاعب جمّة في هذه المرحلة خصوصًا نرى من أوكد واجباتنا أن نعلن عن جملة من المبادئ التي تتصل بهويّة الشعب التونسي وبأسس النظام السياسي وبمقوّمات التنميّة وأهدافها وبعلاقات تونس الدوليّة يجب أن تظل محلّ إجماع كافة التونسيّين.

1- الهويّة :
إنّ هويّة شعبنا عربيّة إسلاميّة متميّزة تمتدّ جذورها في ماض بعيد حافل بالأمجاد وتتطّلع إلى أن تكون قادرة على مجابهة تحدّيات العصر.

إنّ موقع بلادنا في منطقة كانت مهد حضارات إنسانيّة كبرى قد أهّـل شعبنا على مرّ
العصور لأن يسهم في حضارة الإنسان وأكسبه القدرة على التجديد والابتكار.

لقد كانت قرطـاج  إحدى أعظم قوّتين في العالم القديم وشعبنا يعتزّ بعبقريّة حنبعـل
اعتزازه ببطولة يوغرطا. كما تعتز تونس التي انطلقت منها فتوحات نشرت رسالة الحضارة العربيّة الإسلاميّة في ربوع المغرب العربي وشمال البحر الأبيض المتوسّط وإفريقيا بالعبقريّات التي أنجبتها مثل الإمام سحنون والعلامة إبن خلدون والمصلح خير الدين.

لذلك تمسك تونس بعروبتها وإسلامها بآعتبارها جزءًا من الوطن العربي ومن الأمّة الإسلامّية. ولقد عمّت اللّغة العربيّة أهلها فأصبحت منذ قرون لغة الخطاب والكتاب والثقافة وانتشر الإسلام بين سكّانها دون أن تتنازعهم الملل والنحل.

إن المجموعة  الوطنيّة مدعوّة لدعم اللّغة العربيّة حتى تكون لغة التعامل والإدارة والتعليم. والضرورة تقتضي التفتّح على الحضارات وعلى اللّغات الأخرى وخاصّة لغات العلم والتقنية إلا أنه من الواضح أن لا تطوير للثقافة الوطنيّة بغير اللغة الوطنيّة ولا بدّ في هذا المجال أن نجتنب اغتراب النخبة عن الجماهير لما في ذلك من خطر على النخبة وعزلة الجماهير عن المعاصرة.

إنّ التعريب مطلب حضاري متأكّد وهو من أهم الضمانات لتحويل المعاصرة إلى مكسب شعبي ولجعلها جزءًا من الذهنيّة العامّة. ويتحتّم السعي إلى تطوير اللغة الوطنيّة والارتقاء بها حتّى تنهض بكفاية وآقتدار بقضايا العلم والتكنولوجيا والفكر المعاصـر
خلقًا وإبداعًا وحتّى تسهم عن جدارة في حضارة الإنسان.

والدولة التونسيّة ترعى حرمة القيم الإسلاميّة السمحة وتعمل بهدي منها حتى يكون الإسلام مصدر إلهام وآعتزاز متفتّحا على مشاغل الإنسانيّة وقضايا العصر والحداثة فتظلّ تونس مثلما كانت مركزًا من مراكز الإشعاع الإسلامي ومنارةً للعلم والاجتهاد تجديدًا
أو مواصلة لما كان للقيروان و الزيتونة من سبق وريادة.

وعلى مفكّرينا أن يقتدوا برجال النهضة والإصلاح الذين كان لهم شرف إحداث تحوّل نوعي خلق ظروف القطيعة مع عهد الذّبول والانحطاط ومهّد للأجيال الحاضرة سبل مواكبة العصر والمعارف الحديثة وهيّأ قاعدة متينة للتقدّم والرقي الاجتماعي ومجتمعًا مدنيا حيّا متطوّرا أسهم في إرسائه بالخصوص معهدا الصادقيّة والخلدونيّة. وكان من أهمّ ثمار هذه الحركة الدعوة إلى النهوض بالمرأة.

إنّ مجلة الأحوال الشخصيّة والقوانين المتمّمة لها جاءت بعد الاستقلال لتقرّ جملة من الإصلاحات أهمّها منع تعدّد الزوجات ومنح المرأة حقّها في التزوج بدون وليّ متى بلغت سن الرشد والمساواة بينها وبين الرجل في حقّ طلب الطلاق وإجراءاته. وهذه الإصلاحات تهدف إلى تحرير المرأة والنهوض بها تجسيما لدعوة عريقة وأصيلة في بلادنا تستند إلى قاعدة متينة من الاجتهاد بناء على مقاصد الشريعة وتقوم شاهدا على حيويّة الإسلام وتفتّحه لمقتضيات العصر والتطوّر.

وعلى الدولة التونسيّة أن ترعى هذا التوجّه الاجتهادي العقلاني وأن تعمل على أن يكون للإجتهاد والعقلانية أثرهما البّين في برامج التعليم ونشاط المؤسّسات الدينيّة ووسائل الإعلام.

2- النظام السياسي :

إن حركة النهضة والإصلاح في تونس لم تقتصر على الاجتهاد في الدين والدعوة إلى مواكبة العصر بل تجاوزتهما إلى معارضة الحكم المطلق والمطالبة بالحكم المقيّد بالقانون.
لقد كان لتونس دور ريادي في استصدار دستور ينظّم الحياة السياسيّة وناضل الشعب التونسي من أجل هدفين متضامنين متلازمين هما تحرير الوطن من الاحتلال الأجنبي وبناء دولة عصريّة ترتكز على القانون وتستمدّ شرعيتها من الشعب.

لذلك ما إن انتصر  شعب تونس بتحقيق الاستقلال حتى أعلنت الجمهوريّة وصدر دستور ينصّ على أن السيادة للشعب يمارسها عبر الانتخاب الحرّ وإن نظام الدولة جمهوري يعتمد التفريق بين السلط ويضمن استقلال القضاء وحقوق الإنسان وحريّاته الأساسيّة.
غير أن نظام الحزب الواحد وتهميش المؤسّسات وشخصنة الحكم والانفراد بالسلطة كانت كلّها ممارسات مخالفة لدستور البلاد وسببًا في عديد الأزمات.

وجاء بيان السابع من نوفمبر 1987 ليضع حدّا للانحراف والزيغ وليعيد صلة التواصل الحي مع أهداف حركة النهضة والإصلاح وغاياتها فآستجاب بذلك لمطالب العديد من المناضلين وتضحياتهم ولتطلعات الشعب التونسي للحريّة والسيادة والعدالة وإرادته في الالتزام بقواعد التسيير الديمقراطي وبمبادئ حقوق الإنسان.

إن حقوق الإنسان تقتضي صيانة أمن الفرد وضمان حريّته وكرامته ممّا يعني تحريم التعذيب والعقوبات الجسدية ونبذ كلّ أنواع التعسّف التي لا يجوز أن تمارس من قبل الدولة ولا من قبل المجموعات ولا الأفراد كما تقتضي ضمان حريّة الرأي والتعبير وحريّة الصحافة والنشر وحريّة المعتقد.

إن حماية الحريّات الأساسيّة للإنسان تقتضي ترسيخ قيم التسامح ونـبذ كلّ مظاهـر
التطرّف والعنف وعدم التدخّل في معتقدات الغير وفي سلوكه الشخصي فضلا عن التفكير حتى يبقى الدين بلا إكراه لذلك فإنّه من أوكد الواجبات وقاية بيوت الله من الصراع السياسي وإثارة الفتن حتى تبقى المساجد لله وحده.

وعلى الدولة ضمان الحريّات الأساسيّة الأخرى كحريّة الاجتماع وحريّة تكوين الجمعيّات والأحزاب السياسيّة على أن تمارس تلك الحريّات في نطاق القانون لا يضيق منها إلاّ بما يضمن مقوّمات المجتمع الديمقراطي والأمن العامّ وحقوق الغير وحريّاتهم وعدم الولاء لأي جهة أجنبيّة.

ولا يقلّ مبدأ المساواة أهميّة عن مبدأ الحريّة وهي المساواة بين المواطنين رجالا ونساء بدون تمييز بسبب الدين أو اللون أو الرأي أو الإنتماء السياسي.

إنّ الديمقراطيّة تقوم على التعدديّة في الرأي وفي التنظيم وتهيّئ متطلّبات التّنافس على الحكم وتقتضي التقيّد بإرادة الشعب التي يعبّر عنها في انتخابات دوريّة حرّة ونزيهة بحيث تكون للأغلبيّة مشروعيّة اضطلاعها بمسؤوليات الحكم مع ضرورة احترام الرأي المخالف وحقوق الأقليّة.

إنّ الدولة هي دولة التونسيّين جميعا مهما تختلف أراؤهم ومهما تباعدت بينهم سبل الاجتهاد وهي تستمدّ قوّاتها من التفاف التونسيين حولها حتى يشعر المواطن بالغيرة على مؤسّسات الدولة وبنخوة الانتساب إلى الوطن.

إن التحييد السياسي لكل المؤسّسات والقوات الدفاعيّة والأمنية بأنواعها شرط ضروري لبقاء الديمقراطيّة وآستمرار الدولة المدنيّة وتفادي الهزّات والنكسات.

إنّ الأحزاب السياسيّة والمنظّمات الإجتماعيّة والمهنيّة قوام المجتمع المدني مهمّتها تأطير  المواطنين والإسهام في تهذيب سلوكهم السياسي وفي رفع درجة الوعي بينهم بقضايا الحاضر وبمقتضيات المستقبل وهي لا تحلّ محلّ مؤسّسات الدولة ولا ترقى إلى منزلتها.

3- التنميّة :

إن التنميّة الشاملة والعادلة هي الهدف الأسمى لكفاح الشعب التونسي ولسياسة الدولة.
وإن تونس، وإن كانت محدودة الموارد، لها في موقعها الجغرافي وفي خصال شعبها وتجانسه وفي تقاليده التنظيميّة وتعطّشه للعلم والمعرفة رصيد من الإمكانات أهّلت بلادنا في الماضي لتلعب دورا متميّزا في حوض البحر الأبيض المتوسط.

ولقد حقّقت تونس منذ الاستقلال خطوات هامّة على درب التنميّة وهي رغم          ما عرفته من أزمات تمتلك اليوم قدرة كافيّة على التخطيط والتنفيذ ولها في ذلك تجارب هامّة وإنجازات متعدّدة ولكن الشعب التونسي مازال في حاجة متأكدة إلى مزيد التضامن حتى يقع رفع تحديّات التنميّة تأمينًا لحاجيّات المواطن الأساسية حتى تتمّ القطيعة مع عهد التخلف والتبعيّة.

وضمانًا لدوام الديمقراطيّة وآستمرارها يتأكّد علينا معالجة القضايا الحياتيّة لشعبنا وتأمين العيش الكريم للمواطن بما يضمن حقّه المشروع في تلبيّة حاجيّاته الأساسيّة كالتغذيّة الكافيّة والمسكن المحترم والتعليم والثقافة والصحّة والشغل.

ولا سبيل لبلوغ أهدافنا في التنميّة الشاملة إلا بترويض أنفسنا على العمـل وإتقانـه
وتقيّدنا بأخلاقيّات الانضباط والدقّة وبسرعة الإنجاز لذلك فإن سياستنـا التربويّـة
والثقافيّة والإعلاميّة مدعوّة بالخصوص إلى أن تربّي أطفالنا على حبّ العمل وتغذّي في أنفسهم روح التّفاني والتضحيّة.

إنّ تدعيم شخصيّتنا الوطنيّة وتأصيلها وخلق حوافز المبادرة والإبداع والقدرة على استيعاد الجديد النافع دون مركّبات ولا انبتات وكذلك إنجاز مطالبنا في التنميّة الشاملة وغرس قيم الحرية والعدالة والمساواة والتآخي مرتبطة أوثق الارتباط بتطوير شامل لثقافتنا الوطنيّة وبمراجعة مضامينها.

إنّ الثّقافة الجديدة التي نطمح إليها هي ثقافة متجذّرة في تراثنا الحضاري وبخاصة في الموروث الاجتهادي والعقلاني العربي والإسلامي متفتّحة على عطاء الفكر الإنساني عامّة راسخة القدم في عالمها المعاصر مستوعبة لمكتشفات العلم والتكنولوجيا.

والثّقافة الجديدة التي نحن في حاجة إليها هي تلك التي تبرز قدرة الإنسان على تغيير واقعه بالمثابرة والتنظيم وهي التي تكرم العمل اليدوي وتشيع التفاؤل الواعي بالمستقبل وتعزّز روح الانتماء إلى الإنسانية جمعاء فيما يواجه وجودها ومصيرها من القضايا لذلك فالمجموعة الوطنية مدعوة للمراهنة على الثقافة كبعد أساسي من أبعاد التنميّة الشاملة وذلك بضمان حريّة التعبير وتوفير ظروف الإبداع ووسائله.

إنّ المشاركة الواسعة للجماهير الشعبيّة في تحديد أهداف التنميّة ووسائلها وكذلك التوزيع العادل لثمرات الإنتاج هما شرطان أساسيان لنجاعة العمل التنموي ولإقامة علاقات اجتماعيّة سليمة خاليّة من عوامل التوتّر.

إنّ مثل هذه العلاقات رهينة شروط عدة من بينها العدالة في تحمّل التضحيـات بيـن
مختلف شرائح المجتمع وإشاعة روح التضامن الوطني بعيدا عن المصالح الفئويّة الضيّقة وآجتناب كلّ أنواع التبذير والبذخ.

إن المواطنين مدعوّون إلى التقيّد الدقيق بالأداء الجبائي بصفته واجبًا مقدّسًا يعتبر أي إخلالاً به انتهاكًا لحق المجتمع كلّه وإضعافًا لروح المواطنة وإن مؤسّسات الدولة مدعوّة إلى أن تكون مثالا للتّفاني في خدمة الصالح العامّ وفي الحرص على صيانة مكاسب الشعب.

إنّ دفع عجلة التنميّة يقتضي بالخصوص :

الزيادة في الإنتاج والتحسين في نوعيّته وإعطاء أهميّة خاصة للفلاحة التي تستدعي تعبئة الجهود حتى نحقّق تنميّة الرّيف والاكتفاء الغذائي وذلك بتعصير أساليب الإنتاج واستعمال أحدث التقنيّات.

الاعتماد المتوازن على القطاع العام الذي يضطلع بدور أساسي في الصناعات الكبرى والخدمات الحيويّة والقطاع الخاص الذي بفضله تتمكّن المجموعة الوطنيّة من استغلال رؤوس الأموال الداخليّة الخاصّة ومن الاستفادة من نشاط أصحاب المبادرة ومن قدرتهم على الابتكار وحسن التسيير.

العدالة في توزيع الإنتاج بين الجهات وبين الفئات بإعطاء الأولويّة لجيوب الفقر والجهات المحرومة وتحسين مستوى عيش الشغّالين والأجراء حتّى ينالـوا نصيبهـم
العادل والمشروع من حصيلة مجهود التنميّة.

إن كسب معركة التنميّة مرتبط وثيق الارتباط بقدرة التونسيين على تجاوز ما يفرّق
بينهم وخلق جوّ من التضامن الوطني يسمح بالمصالحة بين كلّ الأطراف لتجاوز هذه المرحلة الصعبة.

وتجمع الأطراف الممضيّة على أن ذلك يحتّم على الجميع أعرافًا كانوا أم شغّالين وعيًا بخطورة الوضع ممّا يفرض ترشيد الإنتاج والتصرّف في المؤسّسات والإصداع بكل الحقائق حول وضعيّتها وشرح كل جوانبها ولو كانت فنيّة وذلك في حوار نزيه حتى تكون كل الأطراف على بيّنة من أمرها وحتى تقبل التضحيات الضروريّة عن اقتناع وطيب خاطر.

والدولة التونسيّة مدعوّة إلى أن تضع استراتيجيّة تنمويّة طويلة المدى كفيلة بتجنيد طاقات الشعب التونسي وموارده الكامنة عن قناعة وحماس بهدف فك التبعيّة وتحقيق نقلة نوعيّة نحو التقدّم وذلك بمشاركة نخب البلاد وكافة الأطراف الاجتماعيّة والأحزاب السياسيّة.

4- العلاقات  الخارجيّة :

إنّ علاقات تونس الخارجيّة يجب أن تصدر على وفاق عام بين كافة التونسيّين وأن تكون الترجمة الأمينة والدقيقة لهويّة الشعب التونسي ولثوابت نضاله من أجل نصرة الحق والعدل وحقوق الإنسان.

لقد كان الشعب التونسي سباقا إلى إحياء نداء الوحدة المغاربيّة كخطوة نحو الوحدة العربيّة الشاملة وإلى نصرة قضيّة الشعب الفلسطيني بدعم نضاله من أجل حقّه المشروع في استرجاع أرضه وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلّة. كما تجاوب الشعب التونسي مع نضال شعوب إفريقيا وآسيا وكافة الشعوب الأخرى من أجل حقّها المشروع في تقرير المصير وهو يشارك شعوب العالم وقوى التقدّم طموحها إلى إقامة نظام عالمي عادل يضمن سلما دائمة هي طريق الإنسانية إلى التقدّم وآجتناب ويلات الحروب والدّمار وضمان حقوق الإنسان وسيادة روح التضامن بين البشر كافّة.

وللدولة أن تتّخذ الإجراءات والمبادرات الكفيلة بتعجيل بناء المغرب العربي وأن تخلق المناخ المناسب لذلك وعليها أن تدعم الجامعة العربيّة وتسعى إلى تطوير وسائل عملها خدمة لتضامن الشعوب العربيّة ووحدتها من أجل التقدّم والقيام برسالتنا الحضاريّة الإنسانيّة وتحقيق الأمن الجماعي العربي.

وتعمل الدولة على دعم أواصر الأخوّة الإسلامية بما يحقق العزّة والمناعة للدول الإسلاميّة.
وتدعم الدولة منظّمة الوحدة الإفريقيّة كما تسعى إلى تكثيف علاقات التعاون مع البلدان الإفريقيّة والمتوسطيّة في نطاق تكافؤ المصالح وخدمة لقضيّة السلام والتقدّم وتطويرًا لحوار الحضارات لصالح الإنسانية قاطبة.

إنّ التونسيّين حريصون على استقلالية قرار بلادهم وهم متمسّكون بمبادئ عدم الانحياز.
وعلى وجه العموم فإن الدولة التونسيّة تسعى إلى التعاون الدولي من أجل التنميّة في نطاق الأمم المتحدة وغيرها من المؤسّسات الدوليّة على ضوء الدفاع عن حقوق الإنسان وبهدف إقامة مجتمع دولي يسوده العدل والسلام والوئام.

إنّ استقلال وطننا ضمان لنهضتنا وتطوّرنا في كل المجالات وإسهامنا في حضارة الإنسان.
والشعب التونسي الذي ابتلى بالاستعمار وقدّم العديد من أبنائه ثمنا لحريّته يدرك تمام الإدراك قيمة الاستقلال والحريّة والسيادة ويؤكّد واجب المحافظة عليها.

إن الأطراف الموقّعة على هذا الميثاق تعتبر نفسها مؤتمنة على أغلى مكاسب نضال الشعب في تاريخه المعاصر وفي طليعة مسؤولياتها ومن أوكدها على الإطلاق الحفاظ على استقلال تونس وحريّة شعبها والدفاع عنهما وصيانتهما من كل تهديد أو انتهاك حتى تبقى تونس عزيزة حرّة منيعة.